من ذاكرتك يا رمثا اللاعب ( خالد الزعبي )

مـن الشهــرة
لعل اخطر ما يهدد حياة الرياضي هو الإصابات التي يتعرض لها أثناء اللعب أو التدريب، والإصابة عامة مؤذية وأخطرها تلك التي تقضي على حياة الرياضي فلا يستطيع بعدها العودة
الى الملاعب اما بترك عاهه مستديمة او بالتسبب بالعجز فلا يستطيع الرياضي ان يمارس لعبته التي اتقنها وابدع فيها ، ولعل الاصابات التي تبعد اللاعب عن رياضته الاولىهي الثمن الفادح الكبير الذي يدفعه اللاعب لقاء هذه الشهرة التي يحصل عليها بتفوقه في حقل رياضي معين .
وفي مسيرة اللاعب خالد الزعبي الرياضية عثرات واصابات ورضوض وكسور وجراح وعمليات كثيرة ومختلفة . بعضها كان طفيفا وبعضها الاخر كان خطيرا ومؤذيا ، كل هذه الاصابات كانت جزءا من الثمن الفادح الذي دفعه خالد في سبيل كرة القدم وكان ثمنا أو دينا تقاضته الشهرة من جسد خالد .
ولقد كانت اصابة الكابتن خالد الزعبي في مباراة الرمثا ومنتخب النرويج بتاريخ 9/11/1982 هي اخطر الاصابات التي صادفته في تاريخه الرياضي كله وكادت هذه الاصابة لا ان تقضي على حياته الرياضية فقط بل على حياته كلها وكانت تلك الاصابة هزة عنيفة ومريرة لجمهور خالد اولا وصدمة محزنة ومريرة لخالد نفسه ولافراد عائلته .
اليوم المشؤوم
دب الذعر والرعب بين الجماهير المحتشده ، وارتفع صراخ الالاف وعيونهم تفيض دمعا وحرقة عندما سقط خالد ارضا دون حراك في المباراة المرتقبة بين فريق الرمثا ومنتخب النرويج . كانت الدقيقة الثالثة من بدء المباراة عندما اشترك خالد مع احد مدافعي النرويج بضرب الكرة برأسه ، فجاءته الضربة المفاجئة وهو في الهواء من كوع لاعب النرويج المندفع فهوى خالد ارضا على رأسه وفمه وأغمي عليه . لم يتحرك خالد في تلك اللحظة وسال الدم من فمه . واقترب احد زملائه وحاول ايقاظه ولكن دون جدوى ، وحين رأى الدم ينزف من فمه - وهي علامة خطرة – اخذ زميله هذا يبكي وغطى عينيه ... وهنا ظنت الجماهير ان خالد قد فارق الحياة فهاجت الناس وماجت واخذت تهتف بصوت واحد : خالد...خالد وكان خالد قد دخل في غيبوبة شديدة ، بكى محبو خالد وجمهوره بكاءا مرا ... وردد الالاف : الله يستر ، وهجم كثيرون الى ارضية الملعب .
وما ان وصلت سيارة الاسعاف وتم وضع خالد على النقالة وسط ذهول الجماهير وخوفهم وارتعاشهم انطلقت السيارة مسرعه الى المستشفى وعاشت الجماهير لحظات عصيبة مريرة محزنة بانتظار معرفة ماذا حدث لخالد .
بعد عدة محاولات عديدة لتهدئة الوضع في الملعب لاستئناف المباراة وبعد اخراج الناس من ارضية الملعب ، استؤنف اللعب وكانت اعصاب اللاعبين منهارة ومتوترة واعصاب الجماهير اكثر توترا مضت عدة دقائق والجو مشحون بالخوف والترقب واذهان الناس واللاعبين كانت مع خالد وليس مع المباراة الى أن اعلن في سماعات الملعب وبين الجماهير ان حالة خالد الصحية قد استقرت وكأن الروح والاتزان قد عادت للاعبين ولعشاق خالد
وبعد المباراة زحفت الجماهير الى مستشفى فلسطين حيث يرقد خالد ويعالج زحفت لتطمئن بنفسها على نجمها المحبوب ولتتمنى له الشفاء والسلامه ، واستغرب عاملوا المستشفى ومديره وممرضاته هذا الحشد الكبير وهذه التظاهرة العجيبة خارج المكان وداخله ولم يكن بالاستطاعه السيطرة على الموقف او منع الناس من الدخول لرؤية خالد وقد اكتظت الممرات وقاعات الانتظار والحدائق المجاورة بالحشود وقام الطبيب المشرف على علاج خالد بطمأنة الجمهور ، وخلال وجود خالد في المستشفى استمرت زيارات الجماهير له ومن كل انحاء المملكة .
في صباح اليوم التالي نشرت الجرائد تفصيلات ما حدث ونشرت نبأ صرح به طبيب خالد بأنه يشتبه أن تكون الضربة قد احدثت نوعا من الارتجاج في المخ.. فانهالات الاتصالات على المستشفى والاقسام الرياضية كما هرع كثيرون من ممثلي الاندية والمؤسسات الى المستشفى ولعدة ايام يطمئنون ويستفسرون عن صحة خالد .
وبعد عدة ايام بدأ خالد يسترد اتزانه ويتحرك ببطء واخذ يستقبل فوجا ويودع فوجا .
الدرس الذي تعلمه خالد من هذه الحادثة كما يقول : كان درسا في الحب ، حب الناس له ، حب الجماهير وعشاق الكرة لخالد .. يقول خالد : انه كان يعرف حب الناس له كرياضي ورجل موقف ولكنه بعد هذه التجربة المريرة اكتشف ان حب الناس على الطبيعه اعمق كثيرا مما كان يتصور ، كان حبهم اصدق وشعر خالد ان الاصابة بمرارتها وخطورتها قد كشفت له عن قيمة وعن مسألة اهم من المرض ... الا وهي حب الناس غير المحدود الذي ظهر وتجلى اثناء الحادث واثناء العلاج، وقد اشرف عليه طوال فترة اصابته الدكتور موريس دحدله .
وهذا الحب والعاطفة الجارفة من محبيه جعلت خالد يؤمن بأنه سيكون اهلا لهذا الحب فلم يغضب جمهوره ابدا ولم يبخل على ناديه .... هكذا كان .
ومن حب الناس له : أنه عندما أعلن نبأ سلامة خالد واستقرار حالته أغمي على احد المتفرجين " الرياضي العدد 156 تاريخ 11/11/1982 "
اما المباراة نفسها ما بين الرمثا والنرويج فقد أدى الرمثا مباراة قوية رغم الظروف الصعبه التي رافقت المباراة ، الامر الذي اثر على اعصاب اللاعبين وادائهم وانتهت بنتيجة 4 الى 1 لصالح النرويج .
ومع هذا وليعبر خالد عن شكره لهذه الجماهير الوفيه وبطريقته الخاصة فقد سار مع زملائه بالفريق بقوة واصرار وتسلم كأس الكؤوس عام 1983 .
* * * * * * *
محطات في حياة اللاعب الانسان
* في عام 1982 تغييب خالد عن المباراة الافتتاحية مع الوحدات لوجود بعض الخلافات وعندما عاد للفريق لاحقا رفض سحب شارة الكابتن من زميله وليد الشقران ! فهو قد بدأ الموسم وشارة الكابتن ستبقى معه لنهاية الموسم .!!!
* في احدى اللقاءات مع النادي الاهلي احتسب الحكم رمية تماس للنادي الاهلي فاذا بأحد لاعبي الرمثا يرمي الكرة بعيدا ً عن خط التماس ( اضاعة ً للوقت ) وهذا الأمر في ايامنا هذه يعتبر عادي ، اما لاعبنا خالد الانسان فقد اسرع الى زميله ليؤنبه باشارات واضحه بعدم تكرار ذلك ... اللاعب الذي يحترم نفسه يجبر الآخرين على احترام فريقه
* في اول لقاء للرمثا بالممتاز موسم 1977 تعرض خالد الزعبي لعقوبة ظالمة وغريبة من اتحاد كرة القدم فقد تضمن تقرير الحكم ان خالد اعتدى على الحكم خارج الملعب بعد نهاية المباراة ... علما بأنه كان في مدينة الرمثا بذلك التاريخ .
بمناسبة اعتزال اللاعب كيفورك مردكيان جرت مباراة ودية بين المنتخب السوري ومنتخب الجيش السوري وشارك ممثلا عن الاردن اللاعب خالد الزعبي وانتهت بهدفين لكل منهما وسجل هدفي المنتخب السوري اللاعب خالد الزعبي لتخرج صحيفة الدستور بتاريخ 30/6/1985 بعنوان ( الزعبي بيّض الوجه ) .. علما بأن الاتحاد السوري قد منحه وسام الشرف والتقدير بمنحه عضوية الشرف في المنتخب السوري .

مشكور شادي على الموضوع